الرد على دعوى التضييق على التائب بلزوم الذنب في عنقه
ثم ردوا على أولئك من الناحية التربوية، حيث قالوا: إن تارك الصلاة إذا تاب وندم قد يكون عمر إلى الأربعين، بل بعضهم -عياذاً بالله- يعمر إلى الثمانين وهو لا يصلي، فكيف تقولون له: لا تقض ما فاتك من الصلوات، بل يجب عليك أن تصلي فيما بقي من عمرك؟! قالوا: فأنتم بذلك تضيقون عليه وتجعلون إثم ما فات من عمره كالطائر في عنقه لا يغادره، ولكنكم لو قلتم له صل واقض ما فاتك لارتاح وعلم أنه بقضائه ما فاته من الصلوات قد تاب وتدارك ما فرط به في جنب الله تعالى. فردوا عليهم بقولهم: نحن أولى منكم في هذه المسألة بالحق؛ فمعاذ الله أن نسد باب التوبة وقد فتحه الله تعالى لعباده المذنبين إلى قيام الساعة ولم يغلقه على الناس إلا أن يغرغر أحدهم، كما في حديث: ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )، أو أن تطلع الشمس من مغربها، للبشر جميعاً، ولكن الشأن في طريق توبته وتحقيقها، فالمقصود عندنا هو طريق التوبة، فنحن نطلب منه هذا وإن كان في الثمانين أو في المائة، ونبين له كيف يتوب، ولا نقول: إن التوبة مغلقة، لا نرى توبته أن يقضي ما فاته من الفرائض، بل إن توبته أن يستقيم فيما بقي.